وعلى لسان الشخصيات الشعبية التي قدمها الراحل الكبير حكمت محسن حفظ الكثير من التراث |
على رصيف الامثال الشعبية
تداعت على ألسنتنا الكثير من الأمثال الشعبية لأن أهل أول ماتركوا شيء ماقالوه وتزخر بلاد الشام بكنز هائل من المقولات التي تناسب
مقتضى المواقف صغيرة كانت أم كبيرة والأمثال الشامية بحر اختلطت فيه الألوان لتعدد
الثقافات التي مرت بدمشق فتجد الأمثال ولاسيما المتناقض منها ولعبة التناقض تتبع
المزاج الشخصي والحالة الحاضرة التي يعيشها الفرد , التفاؤل يدفعنا لنقول ( ما بعد
الصبر إلا الفرج ) والتشاؤم يدعونا للقول ( ما بعد الصبر إلا المجرفة والقبر )
وكذلك قولنا ( عميل خير وزت بالبحر ان ما شافو السمك بيشوفو رب السمك ) واين هذه
الدعوة من قولنا ( ازا شفت الأعمى طبو , مالك أكرم من ربو )
والتصدي لهذه الظاهرة , من الصعوبة بمكان ,
فصاحب المثل وكما يقال (يركّب أذن الجرة حيث يشاء) , لان أهل أول كلامهم منزل .
والسؤال كيف التزم الدمشقيون بمضمون هذه الأمثال
المتناقضة وهي التراث الموروث عن الآباء والأجداد , وهم المثل الأعلى بالنسبة لنا
في حياتنا الاجتماعية , وحتى لا يتشعب الحديث وندخل في الأنفاق المظلمة لهذا
الموضوع , سأركز على المتناقض في أصول التربية الأسرية , لأنه يشكل محورا هاما نشأنا وننشئ أولادنا عليه :
فعندما نلجأ إلى مذمة رجل لسلوكه الذميم البعيد
عن العفة نقول ( مو شبعان ببيت اهلو ) ونختصرها بقولنا ( جوعان ), فالجوع ينسحب الى
الكثير من مرافق السلوك والأولاد يجب ان يشبعوا على (سفرة أبيهم) وكانت سيدة جليلة
من معارفنا تردد ( الأولاد لازم ياكلوا مال أبوهم وهو عايش ) وهذا مثل رائع في
توارث الخير وبناء الأسر فكما زرع آباؤنا
فأكلنا نزرع لأولادنا فيأكلون .
وكذلك عندما نكيل المديح لشخص ما نقول ( شبعان
خبز ببيت اهلو ) ونردف بقولنا ( كبار ) أو ( أكابر ) كناية عن السلوك الراقي الذي
يتمتع به . وهنا يستوقفني مثل شعبي ( يضع العقل بالكف ) , ويناقض كل ماقيل وينسف
المعايير والقيم ويبدد هالة قوس القزح , وهذا المثل يقول ( كول عسل وطعمي ابنك هوا
...... هوي خيرو لقدّام وانت خيرك لورا ) ...............فأين
هذا من ذاك ؟؟؟؟ ولن أطيل ... فأمثالنا
الشعبية تحمل الشيء وضده , وكلها بنيت على
التجارب الإنسانية التي حملها الناس من مواطنهم الأصلية إلى الشام , وانصهروا في
بوتقتها فغدوا أشواما . ولاشك ان دمشق في اقسامها الثمانية قد ضمت بيئات مختلفة ..
قد قبلت هذا ورفضت ذاك ...................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق